المادتان 2/364- 374 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
يلتزم قضاة الموضوع بالفصل في دعوى الرجوع بعد النقض بناءا على النقطة القانونية التي فصلت فيها المحكمة العليا في قرار الإحالة بعد النقض دون سواها.
عن الوجه الأول المأخوذ من مخالفة القانون الداخلي طبقا للمادة 05/358 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
الفرع الأول مستمد من مخالفة المادة 2/374 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
بدعوى أن المسألة القانونية التي فصل فيها قرار النقض والإحالة الصادر عن المحكمة العليا بتاريخ 2015/12/17، تتمثل في كون المجلس صادق على الخبرة المنجزة من طرف الخبير (د.ص)، دون مناقشة الدفوع التي أثيرت حول نتائج هذه الخبرة والرد عنها، إلا أنه وعلى العكس تماما، يتبين من القرار محل الطعن، أن قضاة الإحالة، عند إعادة السير في الدعوى بعد النقض، لم يتعرضوا إطلاقا إلى الخبرة المنجزة من طرف الخبير (د.ص) تنفيذا لقرار 2013/10/07 ولم يناقشوا الدفوع التي أثيرت حول النتائج التي خلصت إليها هذه الخبرة من حيث ما إذا كانت قد خالفت أم لا بنود اتفاقية إعادة الجدولة وخاصة بالنسبة لتحديد أقساط القرض غير المسددة بعد إعادة الجدولة وطريقة حساب الفوائد وغرامات التأخير، وبعدم امتثالهم لما ورد في قرار الإحالة، فإن قضاة المجلس قد خالفوا أحكام المادة 2/374 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، مما يترتب عنه نقض وإبطال القرار محل الطعن.
الفرع الثاني مستمد من مخالفة المادة 2/364 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
بدعوى أن قرار النقض والإحالة يعيد الخصوم إلى الحالة التي كانوا عليها قبل صدور القرار المنقوض فيما يتعلق بالنقاط التي شملها النقض، وبالرجوع إلى ملف الدعوى، يتبين أن الحالة التي كانا عليها الطرفان قبل صدور القرار المنقوض تتعلق بإعادة السير في الدعوى بعد الخبرة التي أنجزها الخبير (د.ص) تنفيذا للقرار الصادر قبل الفصل في الموضوع بتاريخ 2013/10/07 إلا أن قضاة الإحالة تجاهلوا ذلك وتناولوا النزاع بطريقة مبتورة وأعادوا الطرفين إلى الحالة التي كانوا عليها عند الطعن بالاستئناف وبذلك أسقطوا عن غير حق مرحلة كاملة من مراحل التقاضي، وهي مرحلة إعادة السير في الدعوى بعد الخبرة، في حين كان عليهم أن يستأنفوا النظر في النزاع ابتداء من المرحلة التي شملها قرار النقض وليس الرجوع إلى الوراء إلى الحالة التي كان عليها الأطراف أثناء مرحلة الاستئناف، مما يشكل خرقا للمادة 2/364 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية ويعرض قرارهم للنقض.
عن الفرعين معا للوجه الأول:
حيث فعلا ومن المقرر قانونا عملا بأحكام المادة 2/364 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، أن قرار النقض والإحالة يعيد الخصوم إلى الحالة التي كانوا عليها قبل الحكم أو القرار المنقوض فيما يتعلق بالنقاط التي شملها النقض، كما أنه وعملا بأحكام المادة 374 من ذات القانون، فإن جهة الإحالة ملزمة وجوبا بتطبيق قرار الإحالة فيما يتعلق بالمسائل القانونية التي فصلت فيها المحكمة العليا.
حيث بالرجوع إلى ملف الإجراء، يتبين أن قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 2015/12/17، قضى بنقض وإبطال القرار المطعون فيه أنذاك والصادر بتاريخ 2014/06/16، على أساس أن قضاة المجلس صادقوا على الخبرة المنجزة الخبير دماغ صلاح الدين دون مناقشة الدفوع التي أثيرت حول نتائج الخبرة والرد عليها.
حيث والثابت من الملف أن القرار المطعون فيه أنذاك والمؤرخ في 2014/06/16، كان قد صدر إثر رجوع الدعوى التي أمر بها قرار 2013/10/07، وعليه تطبيقا للمادة 2/364 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية المذكورة أعلاه، يتعين على جهة الإحالة أن تعيد النظر في النزاع في مرحلة الإجراءات التي لم يشملها النقض، أي أنها تقف عند الحالة التي كان عليها الخصوم والدعوى قبل صدور القرار المنقوض، وهي دعوى الرجوع بعد الخبرة وعندئذ فإن قضاة الإحالة ملزمين بمناقشة هذه الدعوى على ضوء المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة العليا، بموجب قرارها الصادر بتاريخ 2015/12/17.
حيث وبالرجوع إلى القرار محل الطعن الحالي، فإنه جاء في تسبيبه " أن النزاع موضوع الترجيع ينصب حول المديونية المتمثلة في أقساط القرض غير المسددة والتي حل أجل إستحقاقها بعد إ‘ادة الهيكلة والجدولة وما ترتب عليها من فوائد وغرامات التأخير، وأن المسألة محسوم فيها بالإثباتات المرفقة بالملف وخاصة إتفاقية القرض وإعادة الجدولة والإرسالية المحررة من طرف الطاعن في 2003/08/26 والتي يقر فيها بالدين العالق في ذمته والمقدر ب 252 مليون دج والتي طالب بموجبها إعادة هيكلته ومن ثمة لا مجال لإثارة أوجه الغرض منها التنصل من هذا الإتفاق، وأن الخبير معامير فريد توصل إلى ضبط وتحديد المبلغ مستحق الأداء لفائدة البنك والمقدر ب252.459029 دج، ولا مجال لإجراء خبرة رابعة وإنتهوا إلى تأييد الحكم المستأنف مبدئيا وتعديلا له خصم المبلغ المالي المدفوع للمرجع (البنك) بواسطة شيك من الخزينة العمومية والمقدرة ب25.412.165،21 دج، من المبلغ الإجمالي المحكوم به بموجب الحكم المستأنف.
حيث إن مثل هذا التسبيب يدل على أن قضاة الإحالة لم يناقشوا إطلاقا دعوى الرجوع بعد الخبرة، بل أعادوا الطرفين إلى الحالة التي كانوا عليها في دعوى الإستئناف ولم يبتوا في مصير ومآل الخبرة التي أمر بها قرار 2013/10/07، والذي أصبح بهذه الكيفية في وضعية معلقة، وبذلك فإنهم خالفوا أحكام المادة 374 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، وفصلوا في النزاع بطريقة مبتورة، إذ أنهم أسقطوا عن غير حق، مرحلة كاملة من ملااحل التقاضي وهي في مرحلة إعادة السير في الدعوى بعد الخبرة المنجزة تنفيذا لقرار 2013/10/07 على إعتبار أن هذا القرار لم يشمله النقض، وكان عليهم أن يواصلوا النظر في النزاع إبتداءا من هذه المرحلة، وكما فعلوا فإنهم خالفوا القانون وعرضوا قرارهم للنقض والإبطال دون حاجة لمناقشة باقي الأوجه.
حيث ومتى كان الأمر كذلك، يتعين نقض وإبطال القرار المطعون فيه، ويستحسن إحالة القضية والأطراف على جهة قضائية من نفس النوع والدرجة طبقا للمادة 364 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.