♦ نزاع الأقدام السوداء مع الجمهورية الجزائرية تفصل فيه لجنة حقوق الإنسان الأممية:

  تلقت وزارة العدل شهر جانفي الفارط القرار النهائي الذي أصدرته بتاريخ أول نوفمبر 2006 لجنة حقوق الإنسان المنبثقة عن المحافظة السامية لحقوق الإنسان لدى هيئة الأمم المتحدة، القاضي بعدم قبول الشكوى رقم 1424/2005 التي رفعها الرعية الفرنسية المدعو "أرمون أنتون"، الممثل من طرف المحامي الفرنسي"آلان غاراي"، ضد الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.

  و تعود جذور هذه القضية إلى سنة 1962 حيث أن المدعو "أرمون انتون"، المولود في 18 نوفمبر 1909 بوهران من جالية الأقدام السوداء، قد غادر الجزائر بتاريخ 14 جويلية 1962 غداة الاستقلال، تاركا وراءه ممتلكاته المتمثلة في عقارات و منقولات، ثم لجأ إلى السلطات الفرنسية لتحصل له من الجزائر على تعويضات بقيمتها.

  بتاريخ 24 نوفمبر 2004 تقدم المعني إلى لجنة حقوق الإنسان الأممية دون مباشرة طرق الطعن الداخلية لإدعائه بعدم جدواها، مع العلم أن هذه الأخيرة تشكل إحدى الإجراءات التي تسبق اللجوء إلى هذه اللجنة، و ذلك وفقا لما تنص عليه أحكام البروتوكول الاختياري الأول المتعلق بالعهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية.

  بعد إحالة لجنة حقوق الإنسان ملف الشكوى إلى السلطات الجزائرية المختصة قصد الرد عليها، قامت وزارة العدل بالتنسيق مع وزارة الشؤون الخارجية بإعداد ثم إرسال مذكرة جوابية حول الإدعاءات المثارة من طرف الرعية الفرنسية الذي أسسها على خرق الجزائر لأحكام العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية و السياسية الذي صادقت عليه الجزائر بتاريخ 16 ماي 1989 لا سيما مواده 1، 12، 17، 27، 2 الفقرة 1 و26 منه.

  بعد مداولة أعضاء اللجنة حول محتوى ملفي أطراف الخصومة، تقرر عدم قبول الشكوى المقدمة من طرف السيد "أرمون أنتون" ضد الجمهورية الجزائرية بـ 14 صوتا من مجموع 15، مستندين على كل من مذكرة السلطات الجزائرية الجوابية و كذا أحكام المادتين 1 و93 الفقرة 3 من النظام الداخلي للجنة التي قضت بأن الأفعال المنسوبة للجمهورية الجزائرية بنفي المدعي و الاستيلاء على ممتلكاته قد وقعت سنة 1962 أي قبل إنضمام الجزائر للعهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية و السياسية و دخوله حيز النفاذ بالنسبة إليها.

  و تجدر الإشارة إلى أن هذه الشكوى لم تكن الوحيدة من نوعها، بل أن الهيئات التي تنشط من أجل الدفاع عن مصالح الأقدام السوداء قد قدمت 600 ملفا للجنة الأممية المعنية، بهدف إرغام الجزائر على دفع تعويضات عن ممتلكاتهم المتروكة بها بعد إعلان الاستقلال، و لكن الأمر قد تم حسمه بالقرار الصادر في أول نوفمبر 2006 باعتباره يشكل سابقة سوف تطبق على كل الحالات المماثلة بوصفه إجتهادا قضائيا جديدا.

  وفي الأخير، فإنه من قبيل الصدفة أن يوافق تاريخ إصدار هذا القرار، الذي يعتبر انتصارا على قدماء المستوطنين الفرنسيين، يوم اندلاع الثورة التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي.
 

(انقر هنا، لقراءة القرار النهائي الذي أصدرته، بتاريخ أول نوفمبر 2006 لجنة حقوق الإنسان المنبثقة عن المحافظة السامية لحقوق الإنسان لدى هيئة الأمم المتحدة (المحتوى باللغة الفرنسية)).